شريط الأخبار

أقسام الموقع
يتم التشغيل بواسطة Blogger.

معنى أن يكون المرء لاجئا مسلوب الوطن

معنى أن يكون المرء لاجئا مسلوب الوطن
ريتشارد ماركوس
لا يملك معرفةً دقيقةً بالثقافات الموسيقية الصحراوية القائمة في شمال غرب إفريقيا سوى قلة من الناس. كانت الحال على هذا النحو قبل أن تقتحم عزيزة إبراهيم ساحة الموسيقى العالمية، فهي لم تفُز بجائزة الموسيقى التصويرية لفيلم "ولاية" فحسب، وإنما أيضا استطاعت من خلال ألبومها "صوتك" أن تتربع على رأس "قائمة أوروبا للأعمال الرائجة في الموسيقى العالمية" مدة ثلاثة أشهر. ريتشارد ماركوس يعرّف موقع قنطرة بهذه الفنانة الصحراوية مسلطا الضوء على صحراء شمال غرب إفريقيا.
توحي الصحراء في شمال غرب إفريقيا للوهلة الأولى بأنها أكثر الفضاءات في العالم عداءً للحياة. وترينا صناعة السينما ووسائل الإعلام الغربية الأخرى عادةً صور كثبانٍ رمليةٍ لا نهاية لها، دون آثار لحياةٍ إنسانيةٍ أو أية أشكال حياةٍ أخرى، وعددٍ قليلٍ من الواحات أو النباتات الصحراوية اليابسة في هذا المكان أو ذاك. ولكن هذه الأرض القاحلة ظلت منذ قرون موطنًا لمختلف الشعوب الرُحّل على الرغم من ذلك.
"قصتك هي قصتي أيضًا وصوتنا هو نفس الصوت": ولدت عزيزة إبراهيم في مخيم لاجئين وعايشت بنفسها معنى أنْ يكون المرء مسلوب الوطن.
لا يزال مستوى المعرفة بالشعب الصحراوي ضئيلاً حتى الآن. ومع ذلك ثمة امرأة في الوقت الحالي، اسمها عزيزة إبراهيم، عاكفة على تغيير هذا على الرغم من نشأتها في مخيم لاجئين،
عنوان الألبوم مناسب للغاية، فأغانيه لا تمنح شعبها وحسب صوتًا، إنما كل اللاجئين وفي أيِّ مكانٍ في العالم. ومع أنَّ عزيزة إبراهيم تغني كل الأغاني باللغة الإسبانية، بيد أنَّ الترجمة الانكليزية والعربية في الكتيّب المرفق توفر الفرصة للناس الذين تغني عنهم لفهم معانيها، وكذلك لأناس آخرين كثيرين.

في بيان في مقدمة الكتيّب المرفق تكتب عزيزة إبراهيم: "يحتوي الألبوم على أغنيات تعالج همومًا شخصية وعامة ذات أبعادٍ عالمية". ولتحقيق هذا قررت أنْ تستمدّ موسيقاها من تقاليد شعبها الموسيقية ومن الثقافات الموسيقية الأخرى على حدٍّ سواء، فالهدف صوت يضم الجميع.
يمكن سماع نتيجة هذا الاندماج عبر القطعة الأولى "قديم إزيك" أي "مخيم الكرامة"، حيث نغم الغيتار المنفرد الذي يرافق غناءها لا يمكن وصفه إلا بالإسباني. وحتى إن صعُب التحديد، لكن لا يمكن أثناء سماع هذه الأغنية إلا أن يتداعى إلى الذهن نمط الفلامنكو والأنماط الموسيقية القريبة منه.
وسرعان ما يتضح لدى قراءة ترجمات نصوصها إلى الانكليزية، أنها لا تسعى إلى التعبير عن معاناة شعبها وحسب، إنما أيضًا عن معاناة الشعوب الأخرى التي تعيش ظروفًا حرجة مشابهة.
بالرغم من ذلك لا تتناول أغاني عزيزة إبراهيم اليأس والرعب فقط، إنما أيضًا فرصة المضطهدين في إيصال كلمتهم، حيث نسمع في الأغنية السادسة من ألبوم "صوتك": "أريد أن أسمع صوتك/ والكلمات العذبة/ التي تحيا بداخلي/ طوال هذه السنوات، في كل إنسان مضطر للعيش تحت هيمنة قوى غريبة، ثمة صوت، يتوق إلى أن يسمعه أحد".
 ولدت عزيزة إبراهيم في مخيم لاجئين وعايشت بنفسها معنى أنْ يكون المرء مسلوب الوطن، لذلك تستطيع بدراية تامة أنْ تقول لآخرين: "قصتك هي قصتي أيضًا وصوتنا هو نفس الصوت".

 صنعت عزيزة إبراهيم ألبومًا يخطف الأنفاس ويتبنّى معاناة اللاجئين في كل مكان في العالم، وهذا دون الخوض في أوحال السياسة. لا يعنيها وبشكلٍ واضحٍ أنْ توجِّه أصابع الاتهام إلى مذنبين، إنما تركز على تسليط الضوء على الظلم الذي يعيشه المضطهدون في جميع أنحاء العالم، الظلم الذي يهمِّشهم ببساطة.

 هذا الأداء ليس رائعًا بحد ذاته وحسب، إنما يقدِّم إضافةً إلى ذلك مثالًا على القدرة على جمع ودمج التقاليد الموسيقية ببعضها البعض بأسلوبٍ جميلٍ وسلسٍ، دون الوقوع في تعارضٍ مع العدد الكبير من الثقافات الموسيقية المعتمدة.

شارك الموضوع:

التصنيفات:

اسم الكاتب

نبدة عن الكاتب.....:

  • لإضافة الرموز تظهر أيقونات