رأي صمود: بين ارادة تحريك مياه بركة التنظيم السياسي الراكدة وروتينية استحقاق انتخاب اطره القاعدية
انتهت جبهة البوليساريو اليوم الاثنين من انتخاب اطرها القاعدية من عراف وامناء, تنفيذا لقرارات مؤتمرها 13, وياتي هذا الاستحقاق اسابيع قليلة بعد اعلانها لحالة استنفار شامل, امام ما يشهده العالم من حولها من احداث وتطورات, قلبت الموزاين وخلقت وضعا جهويا واقليما ودوليا مضطربا, سمته البارزة انتشار التطرف, واتساع دائرة الارهاب الدولي, وتصاعد وتيرة الجريمة المنظمة, وتفاقم الازمة الاقتصادية العالمية.
وتعني حالة الاستنفار في القاموس السياسي لجبهة البوليساريو, دخول مؤسسات الحركة والدولة بمختلف امتداداتها في حالة من التاهب استعدادا لخطر داهم, مما يتطلب تشخيصا دقيقا لطبيعة الخطر ومصدره, وكيفيات واساليب مواجهته, وهو ما يستدعي تدخل التنظيم السياسي الذي يضم الفروع المؤطرة للصحراويين, المنضوين تحت لواء جبهة البوليساريو في مختلف تواجداتهم من اجل لعب دوره في الابلاغ والتعبئة والتجنيد.
وينظر الكثيرون الى عملية انتخاب الاطر القاعدية للجبهة على انها عملية روتينية, لن ترقي الى مستوى القدرة على تحريك مياه بركة التنظيم السياسي الراكدة, وبالتالي لا ينتظرون على المدى القريب اي دور فاعل لامانة الفروع, حتى ولو حملت وثيقة الاستنفار مؤشرات ارادة حقيقة لتفعليه.
ويعيش التنظيم السياسي لجبهة البوليساريو او امانة الفروع كما يصطلح على تسميته حالة من الركود, بسبب غياب الحوافز المادية التي دفعت بكوادره الى تفضيل العمل بالجهاز التنفيذي, وادت الى تعطيل التنافس على المناصب التي يتيحها, وفي غياب سياسة محكمة لتدارك المشكل, تم ملىء الشغور باشخاص لا تتوفر فيهم شروط النهوض بمسؤوليات من حجم تاطير الجماهير وقيادتها.
وبالرغم من ان انعدام الحوافز وضعف القائمين على مهمة التعبئة والتجنيد, قد ساهم بشكل ملحوظ في اضعاف دور امانة الفروع, الا ان عوامل اخرى كان لها تاثيرها ايضا كتعطيل الرقابة السياسية, التي كانت تمارسها امانة الفروع من خلال ملتقى الامناء والمحافظين, ولجنة رقابة الامانة الوطنية, بالاضافة الى غياب مدرسة لتاهيل الاطر السياسية.
وتقوم امانة الفروع, بادوار اساسية كضمان التواصل المباشر بين القيادة و القاعدة الشعبية الواسعة, باعتبارها سيدة في اختيار من يقودها على مختلف المستويات وهنا تكمن اهمية وخطورة الدور الذي يلعبه الامناء او الاطر القاعدية كونهم وسطاء بين القيادة والقاعدة الشعبية والعكس صحيح.
ان ضعف اداة التنظيم السياسي شكلت بالفعل سببا مباشرا في سوء اختيار بعض القيادات القاعدية والعليا, وساهمت في تدني مفردات الخطاب السياسي ومحتواه, وبالتالي عجزه عن تشريح الوضع الراهن للتمكين للمكاسب, والهجوم على نقاط الضعف , مما ادى الى فتح المجال واسعا امام خطب مهزوزة محبطة للمعنويات, تغذيها نزعة انهزامية وعدوانية تجاه اي عمل تنظيمي هادف, انتهت بتعويم مفهوم الاطار السياسي وتقزيم دوره الى ان اصبح في متناول المفتقد للكفاءة والانتهازي, وربما سيكون من حظ الخائن اذا بقي الوضع على ما هو عليه لا قدر الله.
ةمن الطبيعي القول ان لقب الاطار الطلائعي لا يمنح مجانا و لا يطلق على عواهنه, على اعتبار انه ثمرة مجهود مجاني بناء وملموس, يقترن فيه القول بالعمل, ويعكس ارادة قوية لخدمة الاهداف الوطنية في التحرير والبناء .
ويبقى انتحال الالقاب, وانتقاء السير الذاتية على المقاس مصيبة, ولكن المصيبة الاكبر هي الهجوم غير المؤسس على كل مجهود تقوم به المنظمة, او مكسب تحققه في مختلف المجالات, دون ان يكون هناك رد من التنظيم السياسي, الذي يفضل بعض ادواته في الوقت الراهن الركوب على الموجة, او في احسن الاحوال التزام الصمت .
يقول الشهيد الولي " من المؤكد ان الاتكال على القاعدة الشعبية سيؤدي حتما الى فرز الاطارات بين الانتهازييين الذين يلتهمون مكاسب القاعدة الشعبية, ويختفون ورائها, وبين الذين سييصبحون طليعة للقاعدة الشعبية تعطي ولا تاخذ "
ان تشريح دقيق لوضعنا الراهن , بهدف الوقوف على نقاط قوته ونقاط ضعفه يتطلب منا مستوى معين من المعرفة والتجربة لفهمه واستعابه, وفي الغالب تختلف استنتاجاتنا بالقدر الذي نملك عنه من معلومات ومعطيات, و نكتسب بفعل الاحتكاك به من تجارب, ولكن ادوات مقاربته وتجربتنا المكتسبة منه تساهم في تضييق مساحة الاختلاف بيننا, في احكامنا واستخلاصاتنا اذا تمكنا فعلا من الناي بذواتنا ونوازعها, وتفادينا الاعتماد ايضا على ارضيات جاهزة او افكار مسبقة.

























