الانتخابات التونسية في بعض الصحف المغربية
في الوقت الذي استبشر
فيه الناس خيرا بنجاح تجربة تونس الانتخابية
كتجربة رائدة في دول ما يسمى بالربيع
العربي, وانصب اهتمام المحللين والخبراء
في البحث عن الاسباب الكامنة وراء تراجع
شعبية حركة النهضة التونسية المفاجى
امام حزب نداء تونس,
لم
تستخلص الصحافة المغربية وخبرائها من
التجربة الانتخابية التونسية سوى كونها
اعادت الى الواجهة حزب القائد السبسي
الذي يعتبر حليفا للمغرب بدليل اللقاء
الذي جمعه بمحمد السادس اثناء زيارته
الاخيرة لتونس,
وانهزام
حركة الغنوشي الذي يعتبر حليفا للجزائر
لانه استقبل من طرف الرئيس الجزائري عبد
العزيز بوتفليقة خلال زيارته الاخيرة
للجزائر.
هذا
الاستخلاص الذي يقوم على قاعدة مخزنية
لا تؤمن بقدرة الشعوب على خلق المفاجئات
وقلب الحسابات,
انما
يعبر عن نفسية نظام المخزن المسكون
بهاجس الخوف من ان اي استقرار اجتماعي
اوسياسي اواقتصادي اوامني تشهده الجزائر
انما سيكون على "حساب المغرب " لانه سيفضي حتما
الى استقرار المنطقة المغاربية بشكل
عام و الى حل عادل ودائم لقضية
الصحراء الغربية.
وكانت
حركة النهضة التونسية التي يتزعمها راشد
الغنوشي حاسمة في توقعاتها بالفوز
بالاغلبية امام الاحزاب المنافسة لها وهو
ما ساندته ايضا استطلاعات الراي التي
ذهبت في نفس المنحى الا ان النتائج جاءت
عكس التوقعات بفوز حزب نداء تونس المشكل
من سياسيين من عهد الرئيس زين العابدين
بنعلي الهارب ، الذين لم يتورطوا في جرائم
ضد الإنسانية والفساد,
بالاضافة
الى سياسيين معارضين من منظمات نقابية
و تيارات يسارية كالحزب الشيوعي.
ويرى
بعض الخبراء ان قيادة حركة النهضة للترويكة
كان سببا مباشرا في تراجع شعبيتها حيث انها فشلت في ايجاد حلول سريعة للازمات
الاقتصادية والاجتماعية والامنية المتفاقة
في تونس ,
لحداثة
تجربتها في ادارة دفة الحكم .
في
حين يذهب البعض الاخر الى ان المشكل
مرتبط بايديولوجيتها باعتبار ان الاسلام السياسي في ارقى
مستوياته لن يتمكن سوى من تخليق الحياة
العامة في حين تبقى التحديات الكبرى
الامنية والاقتصادية والاجتماعية مرتبطة
بعوامل اخرى داخلية و خارجية عميقة خصوصا بالنسبة لحالة تونس التي
يعتمد اقتصادها على السياحة المرتبطة
بالاستقرار الامني والسياسي المرتبط
بدوره بامن واستقرار دول الجوار,
وهي
سلسلة متداخلة ومعقدة من العلاقات يرتبط فيها الحاضر
بالماضي ارتباطا بنيويا .
ضف
الى ذلك تهاون الحركة في محاربة السلفيين
بعد الاغتيالات التي طالت العديد من
اليساريين وليبراليين التونسيين .
وفي
جميع الحالات يظل صعود نجم نداء تونس
اختيارا شعبيا تونسيا محضا,
قياسا
الى نسبة المشاركة التي بلغت 60
% وعدم
تسجيل خروقات تذكر عبر مختلف مراحل
العملية الانتخابية,وبالتالي فنجاحه في ظل وضع معقد مرتبط بقدرته على تجسيد تطلعات الشعب
التونسي التواق للحرية والديمقراطية
في ظل الاستقرار والامن .
وتعتبر
تجربة تونس رائدة في دول ما يعرف بالربيع
العربي التي لازالت تعيش على وقع الصراعات
الداخلية مثلما يقع في ليبيا,
وتسعى
جاهدة لابراز الدوافع الحقيقية والموضوعية
التي كانت وراء انتفاضتها السلمية التي
قلبت النظام الديكتاتوري وهي في طريق
اجتثات جذوره لتكون حقا طليعة ونموذج
يقتدى .

























