تقرير حقوقي يصف المغرب بالقوة المحتلة ويؤكد أن زخم المطالبة بحقوق الشعب الصحراوي تعزز منذ حلول الرّبيع العربي (نص التقرير)
أكد تقرير أصدرته عشرات المنظمات الحقوقية بمناسبة اليوم العالمي
لحقوق الإنسان انه ومنذ بدايات القرن الواحد والعشرين، ازداد زخم المطالبة بالحقوق
في الصّحراء الغربيّة وتعزّز منذ حلول «الرّبيع العربي » الذي شجّع ظهور أشكال جديدة من الاحتجاج.
ونبه التقرير أعدته الشبكة
الاورومتوسطية التي تضم أكثر من 100 منظمة من 24 بلدا إلى إن
عدم الاستجابة للمطالبة الملحة لتوسيع صلاحيات بعثة المينورسو لتشمل مراقبة وحماية
حقوق الإنسان شجع السّلطات المغربيّة على متابعة سياستها القمعية
في الصحراء الغربية
وطالب التقرير الذي وصف لأول مرة المغرب بالقوة المحتلة باحترام القانون
الدّولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدّولي؛
وفيما يلي النص الكامل للتقرير
حرية التجمع تحت التهديد كمّ الأفواه المعارضة في المنطقة الأوروبية
المتوسطية 2014
الصحراء الغربية
مقدمة
تعتبر
مسألة «السّلامة الإقليميّة » الخاصّة بالمغرب بما فيه الصّحراء واحدًا من «الخطوط الحمراء » التّي تحدّ من حرّيّات التّعبير والاجتماع وتأسيس الجمعيّات. ويسود مقاربة السّلطات المغربيّة تطبيق سياسة أمنيّة تهدف إلى الحفاظ على سيطرتها على الأرض خلافًا للتعهدات التّي اتُّخذت أثناء مناقشة تقرير الاستعراض الدوري الشامل الخاص بالمغرب في مجلس حقوق الإنسان التّابع للأمم المتحدة في نيسان/أبريل 2013 . وعلى الرّغم من توجيه المجتمع المدني مطالبات متكرّرة إلى المغرب لتوسيع بعثة الأمم المتحدة لتنظيم استفتاء في الصّحراء الغربية ( MINURSO ) ليشمل حماية حقوق الإنسان المعتمد في 29 نيسان/أبريل 2014 لم يستجب قرار مجلس الأمن رقم 2152 لهذه المطالبات، مشجعًا بشكل غير مباشر السّلطات المغربيّة على متابعة سياستها القمعية.
على
الرغم من ذلك، ومنذ بدايات القرن الواحد والعشرين، ازداد زخم المطالبة بالحقوق في الصّحراء الغربيّة وتعزّز منذ حلول «الرّبيع العربي » الذي شجّع ظهور أشكال جديدة من الاحتجاج.
01-القيود المفروضة على حرية التجمع
تحدّ
القيود المفروضة على حرية تأسيس الجمعيات والتّعبير هي أيضًا من حرية الاجتماع في الصّحراء الغربية. وترفض السّلطات المغربية الاعتراف قانونًا بالمنظمات المحليّة المعنيّة بحقوق الإنسان أو الجمعيات التّي تدعم الحقّ في تقرير المصير. في الواقع، إنّ هذه الجمعيات غير المعترف بها قانونًا مثل فرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان في سمارة وغيرها من المنظّمات مثل تجمّع المدافعين
الصّحراويّين
عن حقوق الإنسان أو حتى جمعيّة الصّحراويّة لضحايا الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان لا تملك وصوالإلى الأماكن العامّة ولا يمكنها أن تجتمع إلا في أماكن خاصّة، كما أن السّلطات تراقبها مراقبة دقيقة.
والأمر
سيّان بالنسبة لدخول الصّحافيّين والمراقبين إلى الصّحراء الغربيّة الذي يخضع لرقابة مشدّدة. ولا يملك الصّحافيون المغربيّون المرخص لهم عمومًا سبل الوصول إلى أراضي الصّحراء المغربية ويواجه المراقبون أو الجمعيّات الدوليّة المعنيّة بحقوق الإنسان العديد من العوائق: وقد كُشِف عن العديد من حالات المضايقة أو حتى الطّرد. ويتعرّض بعض الناشطين المحليّين في مجال حقوق الإنسان
إلى
المضايقات وال هّرتيب وتتمّ مراقبة تحرّكاتهم ومهاجمة بيوتهم ومصادرة سيّاراتهم كما أنهم يتعرّضون أيضًا إلى حملات إعلاميّة تهدف إلى تجريدهم من المصداقيّة.
02-تسهيلات السلطات لحرية التجمع
لا
تقوم السّلطات المغربيّة بأي شيء لتسهيل ممارسة الحقّ في الاجتماع السّلمي في الصّحراء الغربيّة، لا بل إنها تسعى إلى خنق المعارضة وخصوصاً عندما يتجه الإهتمام العالمي نحو تلك المنطقة. مثلاً، عند زيارة المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى الصّحراء الغربية
في
تشرين الأوّل/أكتوبر 2013 ،
حين حاصر عدد كبير من عناصر الأمن بلدة العيون من أجل منع المظاهرات وقد استخدموا رشاشات المياه لتفريق المتظاهرين، وعانى سكان المدينة بعدها من انقطاع في التّيار الكهربائي.
وقد
شهد شهر كانون الثّاني/يناير 2014 عدداّ من المظاهرات: حشدُ الشّباب الصّحراويين في 11 كانون الثّاني/يناير في العيون تضامناً مع السّجناء السّياسيين، 37 أو مظاهرة 12 كانون الثّاني/يناير للمطالبة بالحق في تقرير المصير الا ان معظم هذه المظاهرات قد قمعت.
03- اللجوء إلى القوة والاعتقال
بين
العامين 2013 و 2014 ،
خرجت العديد من المظاهرات في المدن الرّئيسة في الصّحراء الغربية، مثل العيون أو السّمارة، للمطالبة بالحق في تقرير المصير وتحرير السّجناء السّياسيين، أو إنشاء آلية لدى الأمم المتحدة لحماية حقوق الإنسان في الصّحراء الغربية، وهو ما أدّى إلى استخدام القوة المفرطة
وعموماَ،
تم نشر قوات إنفاذ القانون قبل ساعتين من بداية المظاهرة وحوصرت المدينة ومنع الناس من الوصول إلى المظاهرة. ولا تتبع قوات إنفاذ القانون الإجراءات التّي نصّ عليها القانون، وتستخدم القوة من دون تحذير واحترام مبادئ الضرورة والتّدرج والتّناسب. وتشترك في المظاهرات عدة أنواع من قوات الأمن: الشرطة بالثياب المدنية والزي الرسمي، القوات المساندة، فرق التّدخل )العسكرية(، الدرك،
وأجهزة
الاستخبارات. وقد تلجأ السّلطات إلى مجموعات غير رسمية من المدنيّين من أجل قمع المظاهرة أو تفريقها )مثال: كديم إزيك في العام 2010 ، والداخلة في عام 2011وبحسب منظّمات المجتمع المدني، تلجأ قوات الأمن إلى رمي الحجارة على المتظاهرين، والى العصي الخشبية والفولاذية والأسلحة البيضاء والصّدم بالعربات والعنف الجسدي الذي يستهدف مناطق حسّاسة من الجسد )الأعضاء التّناسلية والوجه (كما إلى الشّتائم.
تؤثر
هذه الممارسات القمعية أيضاً على الصّحراويين جنوب المغرب في العديد من المناطق القريبة من الحدود الصّحراوية )طانطان، طرفاية، كلمين، أغادير، أسّا... (بسبب طبيعة المطالبات.
وفي
أيّار/مايو 2013 ،
لقيت مظاهرة بمناسبة الذّكرى الأربعين لإنشاء جبهة البوليساريو، نظّمها طلاب من كلّيّة الفلسفة والآداب في جامعة أغادير، قمعاً عنيفاً على يد ال طّرشة ما أدّى إلى عشرات الجرحى.
وأثناء
التّفريق القسري للمظاهرات، عادةً ما تتعرّض المظاهرات إلى أعمال ترهيب وسوء معاملة، حتى إنّه قد تمت الإشارة إلى أعمال تعذيب وعادةً ما تجري هذه الانتهاكات في عربات ال طّرشة أو القوى المساندة أو الدّرك، أو حتى في مراكزهم ومراكز الاحتجاز التّابعة لهم.
04-مساءلة قوات إنفاذ القانون
بشكلٍ
عام، لا يحمّل عناصر قوات الأمن المسؤولين عن أعمال العنف المسؤولية، ولا تقوم السّلطات بمتابعة الشّكاوى المقدّمة ضدّهم، حتّى إنّ بعض هؤلاء الأشخاص يستفيدون أحيانًا من ترقيات داخليّة وهو ما يشجّع هذه السّياسية القمعيّة وقد تلقّى تجمّع المدافعين الصّحراويين عن حقوق الانسان بين 26 نيسان/أبريل 2013 و 8 نيسان/أبريل 2014 أكثر من 90 نسخة عن شكاوى قدّمها ضحايا صحراويّون أمام المدّعين العامّين التّابعين لمختلف المحاكم المغربيّة ضدّ عناصر يُعتقد أنهم مسؤولون عن أعمال عنفٍ وسوء معاملة بيد أن هذه الشكاوى قد راوحت مكانها حتّى هذا اليوم.
05-
العقوبات القضائية المفروضة على منظمي التجمعات والمشاركين فيها
بسبب
عدم الاعتراف القانونيّ بالمنظّمات الصّحراوية، عادة ما تعتبر المظاهرات غير قانونيّة فتتحجّج السّلطات المغربيّة بهذا العذر لإجراء اعتقالاتٍ في كلّ مظاهرةٍ تقريبًا. في كثير من الأحيان، يؤدّي هذا إلى ملاحقاتٍ قضائيّة. وفي أحيانٍ أخرى، تهمل السّلطات أمر تسجيل التّاريخ الدّقيق للتوقيف لإطالة مدة الاحتجاز وعادة ما تكون ظروف الاعتقال صعبة للغاية وقد سجّلت حالات سوء معاملة.
يمكن
أن يستأنف المتظاهرون الملاحقون قضائيًّا الحكم عندما لا يحاكمون أمام محاكم عسكرية الا ان محاكم
الاستئناف تماما كما محاكم الدرجة الأولى لا توفّر ضمانات المحاكمة العادلة: ذلك أن محاضر الاستجواب الخاصة بالشرطة والتّي يمكن أن تنطوي على اعترافات إجبارية « عادةً ما تتمتع بالكلمة الفصل أو تحلّ محلّ الإثبات في المحاكمة على حساب الإثباتات المادية ومثول الشهود. في
النهاية
يشعر المحتجزون بالعزلة بفعل غياب المحامي أثناء الاستجوابات في الاحتجاز وعدم قدرة مراقبي حقوق الانسان على الوصول إلى مكان الحبس وهو ما يوجد ظروفًا مناسبة لسوء المعاملة.
عادةً
ما تكون العقوبات قاسية، سواءٌ صدرت عن المحاكم العسكرية أو المدنية وقد حكمت محكمة استئناف أغادير على محمّد جقاق مثلا بعام من
السّجن لمشاركته في تجمّع سلميّ. وقد حكم على صحراويّ آخر هو قيس هبة تمّ اعتقاله في 7 تشرين الاول/أكتوبر 2013
في
كلميم بسنة من الحبس وهو
حكم أصدرته محكمة أغادير في 20 آذار/مارس 2014 وبين 17 تشرين الثّاني/نوفمبر 2012 و 13 آذار/مارس 2014 وصلت 81 قضية أخرى أمام المحاكم المدنية ونُطق بخمسة عشر حكما تراوح ما
بين شهر إلى 4 سنوات من الحبس
ومنذ
العام 2010 أخلي سبيل 210 موقوفًا في بشكلٍ مؤقت في قضية مخيم الاحتجاج في اكديم ازيك في العام 2010 علما أنّهم كانوا قد احتجزوا لفترات تتراوح ما بين 4 أسابيع و 7 أشهر ثم أخلي سبيلهم من دون أن يصدر عليهم حكمٌ حتى اليوم.
وقد
مثل بعض الناشطين الصّحراويين أمام المحاكم العسكرية وكان هذا هو حال 25 مدنيّا صحراويّا أوقفوا في اكديم ازيك وقد ادانتهم محكمة الرّباط العسكرية )في 19 شباط/فبراير 2013 (لارتكابهم أعمال عنفٍ أثناء تدخّل قوات الأمن لتفكيك المخيّم في 08 تشرين الثّاني/نوفمبر 2010 : وقد حكم على 8 منهم بالسّجن المؤبد، و 4 منهم 30 عاماً من السّجن، و 10 منهم بأحكام تتراوح بين
20 و 25 عاما من الحبس و 2 بعقوبة عامين. 50 والجدير بالذكر أن إعلان الحكومة المغربية في 14 آذار/مارس 2014 تعديل القانون الهادف إلى حظر مثول المدنيين امام المحاكم العسكرية هو خطوة في الاتجاه الصّحيح ألا أنه قوبل بالشكّ من قبل مدافعين عن حقوق الإنسان وسوف يتضمّن مشروع القانون دراسة لأحكام المادة 3 التّي تنطوي على تعريفٍ مبهمٍ يمنح المحاكم العسكرية صلاحية على المدنيين في حالة «الحرب ضدّ مؤسسات الدولة أو أمن الاشخاص أو الرساميل » أو في حالة محاولة قلب النظام أو السّيطرة على جزء من التراب الوطنيّ بالقوّة. 51
6التوصــــــــــــــيات
التوصيات نفسها المتعلّقة بأرض الصّحراء الغربيّة التي وجّهت إلى السّلطات المغربيّة بالإضافة إلى التوصيات المتخصّصة
التّالية:
١.١ الوضع موضع التّنفيذ الواجبات الواقعة على عاتق المغرب بوصفها قوّة محتلّة لأرض الصّحراء الغربيّة ىوفي كلّ الظّروف تطبيقًا للقانون الدّولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدّولي؛
٢.٢ ضمان أن يتمكّن كلّ فردٍ أو مجموعةٍ من ممارسة حرّيات الاجتماع والتّعبير وتكوين الجمعيّات من دون أيّ تمييز على أساس آرائه أو أصوله أو جنسه أو دينه، إلخ.؛
٣.٣ رفع العوائق الإداريّة والسّياسيّة التي تحول دون حصول جمعيّات الدّفاع عن حقوق الإنسان وغيرها من الجمعيّات الصّحراويّة على الوضع القانوني؛
٤.٤ الكفّ عن التوقيفات التعسّفيّة أثناء المظاهرات السّلميّة وكذلك المضايقة القضائيّة بحقّ المواطنين
المطالبين بحقّهم في التظاهر السّلمي؛
٥.٥ وضع آليّة مستقلّة للمراقبة والتّحقيق في ممارسات قوى الأمن في الصّحراء الغربيّة . التعجيل في إجراء تحقيقات سريعة، مستقلّة وحياديّة في حالة الشكوى أو ورود معلومات حول انتهاكات محتملة لحقوق الإنسان على يد سلطات إنفاذ القانون في إطار عمليّات حفظ النّظام. معاقبة المسؤولين وتمكين الضّحايا من الانتصاف وضمان عدم التّكرار؛
٦.٦ الكفّ عن محاكمة المدنيّين أمام المحاكم العسكريّة ومراجعة الإجراءات والأحكام التي أصدرها القضاء العسكري ضدّ المتظاهرين الصّحراويّين لأنّها لا توفّر ضمانات الاستقلاليّة والحياديّة المطلوبة من أجل إجراء محاكمة عادلة بحسب القانون الدّولي؛
٧.٧ تيسير وضع آليّات دوليّة دائمة للسّهر على حقوق الإنسان في الصّحراء الغربيّة.