راي صمود : حصاد "كرانس مونتانا " بمقاييس الربح والخسارة .
رغم
مرور ثلاثة ايام على خفوت صخب منتدى "كرانس
مونتانا",
لازال
اعلام المخزن يحاول ايهام الراي العام
المغربي بنجاحه في
تحقيق الاهدف المرسومة له سلفا,
دون
ان يقدم دليلا يذكر.
والواقع
ان المغرب راهن بشكل خاص على رصيد منظمة
"كرانس
مونتانا "
وتجربتها
الغنية عن التعريف,
لجلب
اكبر عدد ممكن من رؤساء
الدول والحكومات والبرلمانات والمنظمات
الدولية,
للمشاركة
في طبعة المنتدى لسنة 2015
التي
اختار لها مدينة الداخلة المحتلة.
وكان
من بين اهدافه المعلنة حصوله على دعم
واسع لاحتلاله اللاشرعي للصحراء الغربية,
بشكل
صريح من خلال كلمات الوفود المشاركة,
او
ضمني من خلال حضورهم الوازن ,
كما
كان من بين الاهداف ايضا تشجيع المؤسسات
المالية الدولية والشركات الخاصة,
التي
تبحث عن غطاء دولي لمباشرة استثماراتها
بالاقليم المحتل.
وكان
اختيار الداخلة المحتلة, مواتيا لتحقيق الهدفين
معا,
فهي
من جهة من مدن الصحراء الغربية المحتلة,
كما
انها تشكل نقطة ارتكاز اساسية
لاستدراج المستثمرين,
بالنظر
الى موقعها الاستراتيجي,
وفي
ذات الوقت كونها بوابة يتم
النفاذ منها الى باقي مدن الصحراء الغربية
المحتلة.
ضف
الى ذلك مراهنته على الظهور بمظهر المدافع
عن مصالح دول افريقا وشعوبها,
والممثل
لها في حوار شمال-جنوب,
بل
والمؤسس الفعلي لما اسماه ب "
التعاون
جنوب – جنوب ,
الذي
سيجعل افريقيا في صميم الاهتمــــامــــات
الجيوسيـــاسية الدولية الكبرى".
مما
سبق,
يظهر
للمتمعن ان نجاج منتدى "كرانس مونتانا" بالداخلة المحتلة كان مرهونا
بقدرته على استقطاب اكبر عدد
من الدول والمنظمات الوازنة,
الشيء
الذي لم يتحقق,
فالحضور
لم يكن في المستوى الذي سيحقق الاهداف
السالفة الذكر,
مما
جعل اللجوء الى التحايل والتضليل سبيلا
وحيدا لانقاذ ماء الوجه.
فاذا
استثنينا مشاركة باهتة ل "ساباتيرو"
رئيس
الحكومة الاسبانية السابق,
التي
قال عنها رئيس الدبلوماسية الاسبانية,
انها
"
مشاركة
شخصية ولا تمثل الموقف الرسمي الاسباني
"
من
منطلق ان “اسبانيا تدافع في نزاع الصحراء
الغربية,
عن
حل عادل ودائم ومقبول من الطرفين,
يكفل
للشعب الصحراوي حقه في تقرير المصير,
في
إطار قرارات الأمم المتحدة,
وتماشيا
مع مبادئ ميثاق الأمم المتحدة".
نجد
ان "فيليب
دوست بلازي"
الذي
قدمه المنتدى على انه ممثل للامين العام
للامم المتحدة, لم يكن كذلك بحسب
بيان للامين العام للامم المتحدة,
اكد فيه انه لم ينتدب
المستشار الشخصي السيد "فيليب
دوستي بليزي"،
او اي شخص اخر
ليشارك باسمه او باسم الامم المتحدة في
منتدى "كرانس
مونتانا "
.
كما
ان المشاركة المزعومة لوفد من الحزب
الوطني الجنوب افريقي,
كانت
بدورها محاولة للتضليل كشف عنها السيد
"عبيد
كوبين بابيلا"
نائب
وزير الحكامة والشؤون التقليدية,
مسؤول
العلاقات الخارجية لحزب المؤتمر الوطني
الإفريقي الذي اكد ان
"
حزبه
لم يشارك بأي صفة في منتدى "كرانس
مونتانا"
بمدينة
الداخلة المحتلة، رافضا في ذات الوقت
الزج باسم حزب المؤتمر الوطني الافريقي
في مثل هذه المواقف".
نتائج
المنتدى اذن جاءت بعكس
ما كان يتوقع "جون
بول كارترون"
الذي
وجد نفسه في خندق الدفاع
عن الاحتلال المغربي,
و
سياساته التوسعية,
امام
القانون الدولي ,
و
الامم المتحدة,
والاتحاد
الافريقي,
والبرلمان
الاوروبي,
والعديد
من الدول والمنظمات الوازنة من مختلف
القارات,
التي
اعتبرت مجتمعة تنظيم منتدى "كرانس
مونتانا "
بمدينة
الداخلة المحتلة,
خرقا
سافرا للقانون الدولي,
وعرقلة
لجهود الامم المتحدة لايجاد حل عادل
ودائم للنزاع بالصحراء الغربية,
بل
و مساهمته في زعزعة الامن و الاستقرار
بالمنطقة ككل .بدءا من نداء الاتحاد الافريقي الى كل " الدول الاعضاء بالاتحاد والى المجتمع المدني و كافة المنظمات للامتناع عن المشاركة في منتدى "كرانس مونتانا" بالداخلة المحتلة" و مطالبته " منظمة "كرانس مونتانا" و كل المنظمات الأخرى, الغاء مشاركتها التي ستمثل خرقا خطيرا للقانون الدولي" مؤكدا على ان "تنظيم أي ندوة دولية في الظروف الحالية بالصحراء الغربية يتناقض مع الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لتسوية نزاع الصحراء الغربية".
مرورا برفض الاتحاد الأوروبي رسميا المشاركة في المنتدى, من خلال رئيس المفوضية الأوروبية "جون كلود يونكر" ومنسقة السياسة الخارجية "فيديريكا موغيريني".
و رسالة الأمين العام للأمم المتحدة السيد "بان كي مون" الى كافة المنظمات التابعة للأمم المتحدة للامتناع عن المشاركة في المنتدى.
وصولا الى تحذير الحكومة السويسرية لكافة المؤسسات الرسمية في البلاد من المشاركة في أشغال المنتدى كونه ينظم في منطقة نزاع. وهلما جرا .
وبطبيعة الحال يبقى الفائز بمقاييس الربح والخسارة هو عدالة القضية الصحراوية, ووحدة الشعب الصحراوي, والتفافه حول ممثله الشرعي الوحيد جبهة البوليساريو.
لقد شكل موقف اسبانيا انتصارا كبيرا للشعب الصحراوي وقضيته العادلة, وبامكان جبهة البوليساريو والدولة الصحراوية استثماره, ليكون رادعا في المستقبل لاي تحيز مفضوح من الطبقة السياسية الاسبانية, من شانه ان يدعم احتلال المغرب للصحراء الغربية.
يليه الانتصار الكبير المتمثل في موقف الامم المتحدة الذي لا يقبل المساومة في قضية الصحراء الغربية التي يعتبرها قضية تصفية استعمار, ولكن الجديد في الامر هو تحفظها, بل وادانتها لاي وثيقة او منشور يصدر عن دولة عضو في الامم المتحدة, او منظمة تنتمي اليها, يدرج الصحراء الغربية في خارطة المغرب, باعتبار ان ذلك سيشكل خرقا سافرا للقانون الدولي, الذي يعتبر الصحراء الغربية منطقة لم تتم تصفية الاستعمار منها, ويعرض جهود الامم المتحدة في الاقليم للخطر.
ضف الى ذلك تحرك الاتحاد الافريقي الجديد الذي قطع الطريق على المحاولات الفردية الانتهازية داخله, التي ما فتئ المغرب يستغلها لضرب وحدة افريقيا ولتبرير سياساته التوسعية, وكان حازما في ابراز دوره كشريك للامم المتحدة في حماية القانون الدولي وتطبيقه, بدءا بالصحراء الغربية كاخر مستعمرة في افريقيا.
فمن يكون الفائز اذن بمقاييس الربح والخسارة.