خطاب الملك او درس في الوطنية للشعب المغربي !

الكاتب:صمود السبت، 11 أكتوبر 2014 -

بدا خطاب الملك الذي افتتح به الدورة التشريعية للبرلمان بالقول " نحن نعرف من نكون ونعرف الى اين نسير كما نعرف مؤهلاتنا وما يواجهنا من صعوبات وتحديات", والمتتبع المستقصي لن يتمكن بسهولة من معرفة المقصود بهذا الكلام , لان الملك بالتاكيد لايقصد لا البرلمانيين ولا المغاربة بشكل عام, ولكن الفقرة الماخوذة من خطابه للجمعية العامة الذي القاه مؤخرا نيابة عنه الوزير الاول, يدلل على ان الملك المصدوم بمواقف شركاءه وحلفاءه, الذين لا يقاسمونه الشعور بتقدم المغرب في ترسيخ اسس دولة الحق والقانون كما يتصورها, او تسوقها له اداته المخزنية المحترفة في التنميق والتزويق والتضليل, ستقودنا بالتاكيد الى فك اللغز .

فالمخاطبين هنا هم الدول الغربية ومؤسساتها اذ يقول " إن الدول الغربية، والمؤسسات التابعة لها، لا تعرف سوى تقديم الكثير من الدروس، وفي أحسن الأحوال بعض النصائح. أما الدعم فهو ضعيف جدا ودائما ما يكون مشروطا.والأكثر من ذلك، فإنها تطالب دول الجنوب، بتحقيق الاستقرار والتنمية، خلال فترة محدودة جدا، ووفق مواصفات محددة ومفروضة، دون اعتبار لمسار هذه الدول، ولخصوصياتها الوطنية" .

لقد وقفت المنظمات الدولية والمغربية و المراقبين المستقلين من مغاربة وغيرهم, على تسجيل تراجع كبير للمغرب في مجال احترام حقوق الانسان, واحترام المعاهدات الدولية التي التزم بتطبيقها بعد منح دستور 2011 , مؤكدين بالحجج الدامغة مصادرة الكلمة الحرة وقمعها , ومتابعة ناشطيها بالتهم الملفقة والجاهزة كحالة الصحفي انوزلا وموقعه الالكتروني "لكم" وقبله حالات علي المرابط والجامعي وبن شمسي وغيرهم من الصحفيين المستقلين, والتضييق على جمعيات المجتمع المدني الناشطة والفاعلة, كالجمعية المغربية لحقوق الانسان التي تتعرض الان للتضييق الممنهج, والاتهامات الباطلة بالتخوين وخدمة اجندة معادية في مسعى لتعطيلها بالكامل بعد عرقلة عملها . واستمرار التعذيب بالسجون وشهادات الخارجين منه احياءا او امواتا, تكشف عمق الهوة بين ما يقال خارج اسوارها في الصالونات المكيفة وما يطبق داخلهم.

وقس على ذلك استشراء الفساد الاداري والسياسي, وتضخم واتساع جسم المستفيدين منه من لوبيات تتدرج من اعلا الهرم الى اسفله, والشهادات كثيرة منها المتقمصين لشخص الملك , او المقربين منه, وهم كثر, الى حراس بوابات رجال السلطة وغيرهم ممن يتحايلون على المستضعفين لسرقة ما في جيوبهم.

ضف الى ذلك غياب التوزيع العادل للموارد الاقتصادية والامتيازات, وما ترتب عنها من تنامي الفوارق الطبقية و استفحال الظواهر من بطالة ومخدرات وفساد خلقي وغيرها.

واذا ولجت سوق الانتخابات فما عليك الا ان تتمعن في الفقرة التالية المقتطفة من كلام السيد محمد اليازغي في حواره الاسبوع الماضي مع جريدة المساء المغربية حيث يقول : "ستنهار هذه البلاد إذا استمر هذا الأمر. إذا لم تتدارك الحكومة والأحزاب هذا في 2015 فمن المحقق أن المغرب سيدخل أزمة كبيرة" يقصد استعمال المال العام في الحملات الانتخابية لشراء الذمم.

ان الملك الذي فشل في تسويق نظام المخزن البائد, بعد اجراء تعديلات لا تمس الجوهر على دستور 2011 الذي رافقته هالة اعلامية كبيرة, اختار مخاطبة وجدان المغاربة وليس عقولهم لاستدرار عطفهم المفقود على وطنهم بالقول " على المغاربة اينما كانوا بالداخل والخارج ان يعتزوا بالانتماء لهذا الوطن " ويخاطب البرلمانيين بالقول " وانتم ايضا يجب ان تعبروا عن هذا الاعتزاز بالوطن " والواقع ان الوطنية التي يقصد الملك انما تعني الدفاع عن فضائح الملكية واداتها البائدة المخزن, والسكوت عن تجاوزاتهم والقبول بها, وهي وطنية لم يعد لها وجود في وجدان المغاربة الاحرار المكلومين, والمتطلعين الى وطن يمنحهم حق المواطنة ويعيشون فيه بحرية و بكرامة.

لقد استدرك الملك ذلك في خطابه بالقول "ان هذا الاعتزاز بالوطن مرهون بالكرامة والعيش الكريم المفقودة وتعزيز ثقة المواطن بالمؤسسات الادارية " .

الا انه لم يستدرك تجاهله للاخطار المحدقة بالمغرب داخليا وخارجيا, معتبرا ان منتقديه انما اعماهم الحسد من "النعم" التي ينعم بها المغرب , مستشهدا بالدول التي تعيش عدم استقرار ومتجاهلا للدول المتقدمة او السائرة في طريق التقدم, مما يعكس نوايا نظام المخزن الهادفة الى زعزعة استقرار دول الجوار بالتواطئ مع شبكات تهريب السلاح والمخدرات والارهاب, لكي يحافظ على مكانة النموذج الاحسن في اسوء النماذج المعروضة اقتداءا باسرائيل في الشرق الاوسط.

لقد جاء الجواب سريعا على خطاب الملك من الطبقة التي يراهن عليها لايقاظ "وطنية المغاربة", حيث لم تمض الا دقائق معدودة على مغادرته مقر البرلمان, حتى بدا العراك بالايدي والتلاسن بالكلام النابي بين "السادة النواب" , المهوسين بالحملة الانتخابية المفضية الى تقاسم الامتيازات, وتلك شهادة على انحدار المغرب نحو الهاوية اذا لم يتدارك الامر في اسرع وقت ممكن .

شريط الأخبار

من نحن

خطاب الملك او درس في الوطنية للشعب المغربي !

شارك الموضوع:

التصنيفات:

اسم الكاتب