شريط الأخبار

أقسام الموقع
يتم التشغيل بواسطة Blogger.

الخُمُسُ المُعطِّل في الوحدة المغاربية ؟

بقلم : خليفة بن قارة
لم يستطع المغرب الرسمي استيعاب الموقف الجزائري إزاء القضية الصحراوية، منذ أدرجتها الأمم المتحدة ضمن ملفات تصفية الاستعمار قبل أربعين سنة، مع أنه يعلم أن الجزائر ورثت عن ثورتها مبدأً ثابتًا ليس بإمكان أيِّ جيل إسقاطه في أيِّة مرحلة من تطوّر الجزائر، وهو مناصرة كلِّ قضايا التحرّر الشعبية أينما كانت، بغض النظر عن الجنس واللون والديِّن والمعتقد، ناهيك إذا كان الشعب المُكافح من أجل تقرير مصيره، شقيقًا وجارًا مثل الشعب الصحراوي، فهل ذلك المبدأ الجزائري الثابت، في الدفاع عن حق الشعوب في تقرير مصائرها، هو الذي حال دون الوصول إلى ما كانت تطمح إليه الشعوب المغاربية، وهل أصبحت مناصرةُ الشعب الصحراوي، حجرَ العثْرة الرئيسية في طريق الوحدة المغاربية ؟ يبدو أن المصالح العابرة في عرف القصر الملكي- أدام الله عزه- هي أقوى من المبادئ الثابتة .
ظل المغرب يستنكر الموقف الجزائري الدائم من المسألة الصحراوية، وكان يرفع الضغط عليها كلما اكتسب الصحراويون مساحات دبلوماسية إضافية، أو مزيدًا من الأنصار، ظنًّا منه أن ذلك من شأنه أن يُثني الجزائر، على المُضيّ في الطريق المستقيم الذي اختطه الشهداء، أو يُوقِفها عن السير فيه إلى حين، وكانت الجزائر في كل مرة تتلقَّى فيها السباب وتكال لها التُّهم، من طرف مُختلف المصالح الرسمية المغربية، تنتهج سياسة ضبط النفس، وتلتزم الحكمة، رافضةً الدخول في مساجلات تعتقد أنها من أكبر المضار التي تسيء إلى علاقات البلديْن، ولن تكون في صالح الشعوب المغاربية، كما أنها لن تُفيد في مساعدة الطرفيْن المغربي والصحراوي في حل مشاكلهما، ولم تذكر المغرب بسوء على المستوى الرسمي، وإن كان الإعلام  خاصة المستقل منه، لم يتوقّف عن ممارسة حق الخدمة العمومية، في ردِّ التّقوُّلات المغربية، ومحاولة دحض التُّهَم التي تسوقها الرباط رسميًّا وإعلاميًّا، ولعل التصريحات الأخيرة لوزير الخارجية المغربي صلاح الدين مزوار، وإن كانت تدخل في إطار ما اعتاد المغرب القيام به، إزاء جيرانه الذين لا يمكنهم تغيير الجغرافيا ولا التاريخ، فإنها تُعبِّر عن حجم الصدمة، التي تكون أصابت سياسة المملكة، نتيجة التجنّد الدّولي من أجل إحقاق الحق الصحراوي، طبقا لتوصيات الأمم المتحدة .
لم يرد السيد مزوار على ما سرّبه موقع كريس كولمان 24 من وثائق سريّة، تكشف تورّط مملكة مولانا m6  في شراء ذِمَم مجموعةٍ من الإعلاميين الفرنسيين والأمريكيين، بتخصيص رواتب لهم وامتيازات مغرية، نظير قيامهم بالدعاية للطرح المغربي المخالف للموقف الأمميّ، وتفضح العلاقات السرية "الممتازة" بين القصر، الذي يرأس ملكُه لجنةَ القدس، وبين إدارة الكيان الصهيوني، التي تعمل على تهويد المدينة المقدّسة، وتغيير معالمها العربية الإسلامية، بل راح يتهجّم على الجزائر ويُحمِّلها المسئولية في نشر آلاف الوثائق، التي تدين المغرب حكومة وقصرا، وكأن خزائن تلك الوثائق توجد في الجزائر أو أن شفرات فتْحها بيدها، وبذلك يزيد سي مزوار  في حدّة التوتّر القائم بالمنطقة، وقد ذهب بعيدًا حينما تنبّأ- بما يُشبِه التهديد- بحرب بين البلديْن الشقيقيْن خلال العام القادم، وكأن المشكل بين الجزائر  والمغرب، بينما هو بين هذا الأخير وجبهة البوليساريو، التي اجتمع معها أكثر من مرة، على مرأى العالم ومسمعه، فما السبب في رفْع منسوب الغضب الرسمي المغربي على الجزائر يا تُرى في هذا الوقت ؟

يظن المغرب- الذي يعمل على شلِّ الأدوات الأممية، لِحَلْحَلة معضلةٍ تُعتبَر سُبّة في جبين إفريقيا- أن الجزائر تمر بمرحلة ضعفٍ يجب استغلالها، وذلك في محاولةٍ لجعْلِها تنخرط في حملة تصعيد وتوتّر كبيريْن، يهدف من جهة، إلى جرِّ البلديْن نحو مواجهة مباشرة، من شأنها أن تفسح المجال أمام التدخّل الأجنبي، الذي يمكن أن يتسلّل منه المغرب لتنفيذ مخطّطه، ويعمل من جهة ثانية، على إلهاء الجزائر عن القيام بدورها المُكتسَب، الذي فرضته التغييرات الإقليمية والدولية، وهكذا يبدو أن المغرب لا يكتفي بتعطيل الجهود الأممية لحل القضية نهائيّا، إنما يسعى إلى تعطيل حلم أجيال تعاقبت على هذه الرقعة  في الوحدة والتكامل، ودافعت عنها، قبل أن تظهر هذه النماذج السياسية الركيكة، التي تحاول- عبثًا- تغيير مجرى التاريخ، وتكاد الشعوب المغاربية كلها تكاد تصرخ في وجْه الخُمُسِ المُعطِّل، اتركوا الشعوب تُعيد بناء  مغربها، ليشرق من جديد خارج حكمكم  الجامد، بعدما فشلت حكوماتكم في مشاركة المؤتمَنين على البناء المغاربي، الذي حمل لواءَه عاليّا، المخلصون الأوائل من أبناء هذه القطعة الإستراتيجية من العالم، التي تُهدّدها أطماع الأجانب الدائمة، وأنانية حكامها وطيشهم المستمر ...

khalifalarabi@gmail.com

شارك الموضوع:

التصنيفات:

اسم الكاتب

نبدة عن الكاتب.....:

  • لإضافة الرموز تظهر أيقونات